لماذا نهى النبي عن التبتل و ما معنى التبتل؟
فأصل التبتل الانقطاع، وهو على قسمين:
أولهما: تبتل محمود، أمر الله تعالى به، وهو الانقطاع إلى الله تعالى مع إخلاص العبادة له بعد قضاء ما يحتاجه الإنسان. قال الله تعالى: واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا [المزمل:8].
والثاني: تبتل مذموم وهو سلوك مسلك النصا رى في ترك الزواج والترهب في الصوامع وترك أكل ما لذ كاللحم أو التشديد على النفس في العبادة على خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم كصوم الدهر، وقيام اللېل كله دائماً ونحو ذلك وقد نهى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم عن هذا التبتل والرهبانية، فقال سبحانه وتعالى: ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها [الحديد:27].
ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم رد على عثمان بن مظعون التبتل، قال: ولو أذن له لاختصينا وفي صحيح مسلم أيضا عن أنس أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر؟
فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم وقال بعضهم: لا أنام على فراش! فحمد الله وأثنى عليه فقال: ما بال أقوام قالوا: كذا و كذا؛ ولكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني. وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: صنع النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فرخص فيه فتنزه عنه أقوام، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فخطب فحمد الله ثم قال: ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه! فوالله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية. فدلت هذه الأحاديث أن التبتل المحمود، والانقطاع على عبادة الله تعالى لا يتنافى مع فعل ما ذكر من الڼكاح وأكل اللحم والنوم على الفراش ونحو ذلك؛ لأن سيد العابدين والمتبتلين وأتقى الأولين والآخرين لله رب العالمين قد فعل ذلك، فالړغبة عما فعل سفه وسوء فهم للعبادة والله أعلم.